المسلمون الجدد
قصة هداية ورشاد
قصص المسلمين الجدد مثيرة للغاية وتبعث على التأمل والتفكر، وتؤكد هذه القصص بما لا يدع مجالًا للشك أن الدين عند الله الإسلام، وأن الإسلام هو الحق وهو دين الفطرة، ومهما حاول أعداء الإسلام إطفاء نوره فلن يستطيعوا؛ إذ الله متم نوره ولو كره الكافرون، وقصص المسلمين الجدد أكبر شاهد على ذلك، وهذه البوابة ترصد المسلمين حديثي الدخول في الدين من الديانات والملل الأخرى، سواء كانوا مشاهير من سايسيين الرياضيين أو فنانين أو علماء أو مفكرين أو شخصيات عامة، تعرض قصة إسلامهم، كيف تعرفوا على الإسلام؟ ولم اعتنقوه؟ وما العوائق التي قابلتهم في رحلة الهداية.
ملخص المقال
ماذا تعرف عن الخطاط الأميركي الذي اعتنق الإسلام وعشق الخط العربي فأصبح من أشهر الخطاطين في العالم؟
محمد زكريا
Mohamed Zakariya
وُلِدَ محمد زكريا سنة 1942م، في مدينة فنتورة في ولاية كاليفورنيا، ويُعتَبر أشهر خبير أميركي في فنِّ الخطِّ العربي. ومع أنَّه درس الهندسة إلَّا أنَّ مسار حياته قد تغيَّر بعد رحلته إلى المغرب في سنة 1964م؛ حيث أصبح يهتمُّ بالثقافة الإسلاميَّة، ومِنْ ثَمَّ اعتنق الإسلام، وبدأ يهتمُّ باللغة العربيَّة.
وقد بدأ دراسة الخط العربي في سنة1980م، وسافر محمد زكريا إلى عددٍ من البلاد الإسلاميَّة مثل: تركيا، ومصر، والجزائر. ثم في سنة 1984م عاد إلى تركيا للدراسة مع الأستاذ الكبير حسن جلبي في مدينة إسطنبول، وفي عام 1988م حصل على إجازة في الخط العربي من حسن جلبي.
وقام زكريا بتدريس الخط العربي في مدينة واشنطن، وقد صار عَلَمًا فيه؛ حتى إنَّه في الأول من سبتمبر 2001م صدر من مكتب البريد الأميركي طابعٌ رسمه محمد زكريا للاحتفال بعيد الفطر، وما زال هذا الطابع يصدر باستمرار.
قصته مع الخط العربي
إذا أردنا أن نتحدَّث عن محمد زكريا الخطَّاط الأميركي المسلم، الذي اعتنق الإسلام وعشق الخط العربي فأصبح من أشهر الخطاطين في العالم، فلا بُدَّ لنا أن نذكر مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلاميَّة بإسطنبول (إريسيكا)؛ فهو خريج هذا المركز ومنه حصل على أوَّل إجازةٍ له في فنِّ الخط العربي من أستاذه الخطاط حسن جلبي عام 1987م، والثانية حصل عليها من أستاذه الخطاط الدكتور علي ألب أرسلان.
وعن بداية تعلُّقه بفن الخط العربي قال الخطاط محمد زكريا لبرنامج رحلة الخط العربي: «تعود رغبتي إلى عام 1961م حين أصبحتُ مسلمًا، وأنا في أوائل العشرينيَّات من عمري، وفي تلك الأيام كنتُ ماشيًا في أحد شوارع سانتا مونيكا في كاليفورنيا، وبالصدفة مررتُ بمخزنٍ لبيع السجاد العجمي، وعندما تطلَّعتُ من خلال النافذة الزجاجيَّة رأيت شكلًا في إطارٍ معلَّقٍ على الحائط جذبني إليه، فدخلت المخزن وسألت صاحب العمل عن هذه اللوحة، وكان جواب صاحب المخزن الذي كان أرمنيًّا: اسمعني جيِّدًا يا صبي! هذا نوعٌ من الكتابة الإسلاميَّة، ولن تتمكَّن من دفع ثمنها، فالأفضل لك أن تترك الاستفسار وتذهب». ومن تلك اللحظةِ أصبحت مُغرَمًا بالخط، وصِرْتُ أذهب إلى المكتبات للاطِّلاع على النماذج الخطِّيَّة، وهكذا كانت البداية.
لم يكن هناك من يُساعدني أو يُرشدني في الكتابة، وبعد أربع سنوات -أي في عام 1964م- سافرتُ إلى المغرب وقصدتُ مراكش، ومنذ ذلك الوقت كنت أعلم ما أريد تعلُّمه، وكان الخطُّ المغربي أوَّل دراساتي للخط، وبعد ذلك سافرتُ إلى لندن، وبدأت الذهاب إلى المتحف البريطاني، وتعلَّمت الكثير من النظر والإمعان في المخطوطات والمصاحف القديمة، وكذلك قرأتُ كتبًا قديمةً تبحث عن الخطِّ العربي مثل: «صبح الأعشى» للقلقشندي، و«نهاية الأرب»، و«مفتاح السعادة» وغيرها.
ولكنِّي وصلتُ إلى مرحلةٍ عرفتُ بأنِّي محتاجٌ إلى الإرشاد، وإلَّا فسوف أبقى من دون تطوير، كانت هناك سيِّدةٌ اسمها «آسن أدل» أخبرتني بوجود مركز إريسيكا IRCICA، وهو مركز أبحاث للتاريخ والفنون الإسلاميَّة في إسطنبول، فقلت: إذا كنت أرغب في التطوير فعليَّ الذهاب إلى إسطنبول؛ فهم الوحيدون الذين حافظوا على تراث الخط. قدَّمني الأستاذ أكمل الدين أغلو إلى أستاذي الخطاط حسن جلبي، وبعدها إلى الخطاط علي ألب أرسلان، وكنت أدرس مع أحدهم في الصباح ومع الآخر في المساء.
وقد أبدع محمد زكريا في فنِّ الخط العربي بأنواعه المختلفة، وكذلك في الزخرفة والتذهيب، وهو ماهرٌ في صناعة الأحبار على الطريقة العربيَّة التقليديَّة القديمة والصبغات الذهبيَّة.
وقد كتب محمد زكريا وصمَّم أوَّل طابع بريدي إسلامي في الولايات المتَّحدة الأميركيَّة، صدر منه 75 ألف نسخة في الأوَّل من سبتمبر عام 2001م.
ويُضيف: «منذ أن بدأتُ بتلمُّس القيم العظيمة في الخط العربي، صرت أبحث عن أفضل موقعٍ أستطيع منه كمسلم من خلفيَّةٍ أميركيَّة - أوروبِّيَّة أن أقفز إلى الحاضر والمستقبل، وكان ذلك الموقع بالنسبة إليَّ هو الطريقة العثمانية التي أجدها أكثر حداثة وأكثر تشدُّدًا في الوقت نفسه، وهي في مظهرها التركي الحديث لا تزال أكثر الأغصان حياةً في الشجرة القديمة»[1].
[1] الموقع الشخصي للفنان محمد زكريا. https://mohamedzakariya.com/
التعليقات
إرسال تعليقك